كشفت الأرقام الرسمية البريطانية أن خمسة وسبعين في المائة من الأطفال دون العاشرة من العمر قد لجأوا لإيذاء أنفسهم جسديا مما أدى إلى اصابتهم بجروح خطيرة أو كادوا أحيانا أن يقتلوا أنفسهم. قد تكون هذه الحوادث مقصودة أي أن الأطفال يسعون لإيذاء أنفسهم بسبب الضغوط النفسية التي تخلفها المشاكل العائلية مثل الطلاق أو وفاة أحد الأبوين. وتزداد نسبة إيذاء الأطفال لأنفسهم كلما تقدموا في العمر واقتربوا من سن المراهقة، إذ ترتفع نسبة إيذاء النفس بين سن الحادية عشرة والخامسة عشرة إلى اثنين في المائة، وقد وجدت أعلى نسبة بين الشباب بين سن الثالثة عشرة والخامسة عشرة. وقد وجدت الدراسة الإحصائية التي أعدتها دائرة الإحصاء العامة في بريطانيا أن أكثر الأطفال قلقا من الناحية العاطفية هم الذين نشأوا في عائلات تعاني من مشاكل الطلاق أو الذين عانوا من مرض عضال أو الذين شاهدوا وفاة أحد أفراد عائلتهم، وأن هؤلاء الأطفال سيقدمون على الأرجح على إيذاء أنفسهم مقارنة بغيرهم. وتقول الجمعيات الخيرية إن الأرقام الأخيرة تظهر أن هناك حاجة ماسة لخدمات العلاج النفسي والاجتماعي التي تهدف إلى العناية بالأطفال تحديدا. وقد أظهرت الإحصائيات أن 3ر1% من الأطفال في بريطانيا بين سن الخامسة والعاشرة قد حاولوا إيذاء أنفسهم، وبينهم من حاول الانتحار. بينما ارتفعت النسبة بين من هم في سن العاشرة إلى 1ر2% وانخفضت النسبة إلى ما دون نصف في المائة بين الإناث في عمر بين الخامسة والسابعة. وترتفع النسبة بين الأطفال من الطبقات الاجتماعية الدنيا وكذلك بين الأطفال الذين يعيشون في عائلات تتكون من أب فقط أو أم فقط . أما أبناء المهنيين فهم أقل من غيرهم في الإقدام على إيذاء النفس بثلاث مرات مقارنة بأبناء الذين يعملون في وظائف أقل مهارة. ووجد الباحثون أن الأطفال أكثر عرضة لإيذاء أنفسهم إذا كانوا يعانون من أمراض نفسية أو عقلية، مثل المشاكل السلوكية أو مرض نقص الانتباه. قلق وقال متحدث باسم جمعية مكافحة القسوة مع الأطفال إن الإحصاءات الأخيرة هي دليل على أن الأطفال والشباب بشكل عام يحتاجون إلى من يلجأون إليه عند الشدائد قبل أن يعبروا الخط الأحمر وينزلوا عقابا بأنفسهم. ويضيف المتحدث أن الأطفال واليافعين يتأثرون كثيرا بوفاة أحد أفراد العائلة والعقوبات المستمرة التي تنزل بهم والمشاكل بين الأبوين وأن من المحتمل أن يوجهوا غضبهم نحو أنفسهم من خلال إيذائها. ويقول بيتر ويلسون، مدير جمعية الصحة العقلية للأطفال، يانج مايندز، إن من الضروري بالنسبة للآباء أن يتفهموا عمق تأثير المشاكل العائلية على أطفالهم. ويضيف ويلسون أننا دائما نتصور أن الأطفال قادرون على تحمل المصاعب، لكنهم يتحملون لأنهم لا يمتلكون خيارا سوى التحمل. غير أن هؤلاء الأطفال الذين يقدمون على الانتحار أو إيذاء أنفسهم إنما يقولون للآخرين إن من الصعب عليهم أن يواصلوا الحياة مع الصعوبات التي يواجهونها. وفي الختام فإن هناك حاجة للعناية بالأطفال والتحدث إليهم باستمرار لمعرفة همومهم ومحاولة تذليلها، وقد تكون هموم الأطفال غير واقعية وغير ظاهرة لذلك فإن السبيل الوحيد للتعرف عليها هو مراقبتهم والتحدث إليهم وبناء علاقات طيبة معهم لكسب ثقتهم.